تسويق الجنون

on

خلال الساعات الثلاث الماضية كنت مشدودا لشاشة التلفزيون لم اتزحزح من أمامها أبدا، فما كنت اشاهده كان مثيرا، صادما، ومرعبا. دائما نظرت بعين الشك للادوية “السحرية” التي تعالج الاكتئاب والحزن والضيق والاحباط.. لكني لم اتصور أن الامر بهذه الخطورة.

فلم وثائقي اسمه Marketing of Madness  – “تسويق الجنون”. يتكلم عن الطب النفسي وفظائع صناعة الادوية المخصصة للعلاج النفسي، أي التي يُزعم انها تعالج الاضطرابات النفسية، والمؤامرة الكبرى التي تحيكها وترتكبها شركات الادوية العالمية بالتحالف مع الطب النفسي، على الأبرياء والبسطاء والسذج والمخدوعين.

يجب على كل فرد دون استثناء أن يشاهد الفلم لخطورته الكبرى والحاسمة. إن كنت انت لم تذهب لطبيب نفسي من قبل، فلا شك أنك تعرف احدا يتلقى علاجا نفسيا وقد يكون يتعاطى ادوية وعقاقير يُزعم انها تعالج الاضطرابات النفسية والمشاكل النفسية غير الفيزيائية (الجسدية). وحتى لو كنت لا تعرف احدا، فأهمية الفلم ومحتواه في منزلة عظيمة وواجبك أن تشاهد الفلم وتلخص رسالته لكل من تعرف.


الفلم طوله حوالي 3 ساعات، سأضيفه في آخر المقالة لمشاهدته كاملا، وهو بالانجليزية للأسف لم اجده مترجما. لكن لغته غير صعبة. وللإفادة سأقدم فيما يلي خلاصة الفلم بذكر اهم ما يعرضه من حقائق على شكل نقاط متتابعة. مع التأكيد أن هذه المقالة ليست تشهيرا بالاطباء النفسيين، بل بالأساس بالأدوية التي يتم تسويقها على أنها مضادة للاكتئاب وتجلب الشعور الجيد وتبعد الحزن، وهي في الحقيقية تسبب مشاكل نفسية معقدة بل وتؤدي الى الانتحار كما حصل في مئات الحالات. ومع التأكيد انه مع ثقتنا بالمؤسسة التي انتجت الفلم الوثائقي المذكور (وهي CCHR ) إلا أنه علينا دائما تعاطي المواد المقروءة او المرئية بعين ناقدة وفاحصة تبحث عن الدليل ومدى الصدق فيما تراه.

  • شركات الأدوية العالمية تربح ما قيمته 30.000.000.000 دولار (30 مليار (بليون) دولار) كل عام من بيع الادوية التي يروج لها على انها تعالج الاضطرابات النفسية.

  • ما يسمى ب “طب النفس” Psychiatry وهو الذي يتعلق بالاضطرابات النفسية (أي الحالات المرضية الشعورية) وبعكس العلوم الطبية الاخرى (مثل علم الجينات، علم الامراض، علم طب الجلد، طب العظام، الخ) هو علم نظري لا يعتمد على أبحاث حقيقية والسبب هو أنه لا يمكن قياسه فيزيائيا وفحص اعراضه في الجسم.. فلا يوجد عضو هو “النفس” طبعا، وأما الدماغ فلم يثبت أبدا بأي بحث علمي امكانية تحديد مسببات الاضطرابات العقلية فيه. الحديث طبعا هو عن الظواهر المرضية غير الظاهرة مثل الخوف او الأرق، وليس الامراض العقلية الظاهرة مثل التخلف العقلي. 

     والخلاصة هي أن الظواهر المرضية النفسية ال 297 الموجودة في موسوعة الاضطرابات النفسية (انظر أدناه)، لا يمكن فحصها فعليا أبدا من خلال الفحوصات المرضية المألوفة والتي تكشف الاسباب الحقيقية لأي مرضفكيف تصنف على أنها أمراض إذا؟

     

  • الظواهر المرضية التي تصنف على انها اضطرابات عقلية هي ظواهر يتم الاتفاق عليها بين عدد محدد من أكبر اطباء النفس العالميين، وتوضع في موسوعة اسمها DSM وهذه اختصار لـِ :   Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders. وهي بمثابة معجم يصنف الظواهر النفسية، مثل الاكتئاب Depression, الخوف والأرق، الحزن الدائم،  تعكر المزاج الثنائي القطب Bipolar disorder، الخوف من الاماكن المغلقة Claustrophobia ، وظواهر أخرى تعد بالمئات.
  • طريقة اضافة أي ظاهرة الى هذا المرجع الذي يعتمد عليه علماء طب النفس والطلاب والاطباء المستقبليون هي ببساطة التصويت.. يطرح مثلا اضطراب “الادمان على الانترنت”.. ويتم التصويت عليه إن كان اضطرابا نفسيا بحاجة لعلاج أو لا.. يتم التصويت بنعم من قبل الاغلبية، يتم ادراجه في الاصدار القادم من المعجم، وهكذا يصبح مرضا بصورة رسمية وتطرح أدوية نفسية له في الاسواق !
  • هؤلاء اطباء النفس يرتبطون بعلاقات مباشرة بشركات الأدوية العالمية مثل Pfizer, GSK (GlaxoSmithKline), Merck والتي تدفع لهم مبالغ طائلة مقابل الترويج لمنتوجاتهم من الادوية المخصصة لعلاج الاضطرابات النفسية.
    • لكن لماذا سيشتري الناس الدواء وهم لا يحتاجون إليه؟ سؤال وجيه. 

      قبل طرح الدواء في الاسواق يتم تنظيم حملات اعلامية ضخمة تذوّت في نفوس الناس أن الحالة النفسية المعينة التي قد يعيشها اي شخص في اي لحظة هي مرض نفسي له علاج. قد تكون هذه الحالة ، حالة عادية يمكن أن يعيشها أي شخص، فنحن بشر لدينا عواطف. قد نمر مثلا في حالات احباط شديد في بعض الاحيان وهذا طبيعي. لكن شركات الادوية تحول هذا الاحباط او الحزن العَرَضي والعابر إلى مرض نفسي وتقنعنا بذلك بصورة مباشرة من خلال الاعلانات المطبوعة والمقروءة والمرئية والمسموعة، وبصورة غير مباشرة بواسطة استبيانات واستطلاعات رأي نراها في الانترنت والمجلات تسألنا “هل عانيت من أرق شديد وكراهية لنفسك في الفترة الأخيرة”.. وهذا أمر يسري على الجميع ويحدث للجميع، تماما مثل قضايا “الابراج” وقراءة الطالع التي يصدقها السّذج.. وحين نجيب بنعم يخبرنا صاحب الاستطلاع (الذي يكون ممولا من قبل شركات الادوية) أن لدينا حالة نفسية تستدعي “رؤية طبيب او معالج نفسي”.
      وحين ينزل الدواء الجديد الذي “يعالج كل حالات الاضطراب النفسي” سوف نركض الى الطبيب كي يكتب لنا وصفة طبية لنشتري الدواء، مثل Valum, Zoloft, Paxil، وغيرها.

    • والمشكلة أن هذه الادوية ثبت بالأدلة القاطعة وبالاحصائيات أنها أبدا لا تعالج الحالات النفسية التي ليست بحاجة لعلاج أصلا، بل تزيد الامر سوءا، فهي تسبب الادمان، وتسبب مضاعفات خطيرة جدا، كثيرون من المراهقين الذين انتحروا في الولايات المتحدة واوروبا اكتشف انهم كانوا يتعاطون عقاقير ضد الاكتئاب والحزن. بل إن كثيرا من مضادات الاكتئاب التي وصفت للمراهقين ثبت انها أكثر تسببا بالإدمان من الكوكائين وال LSD وحبوب الهلوسة الأخرى، وخطرها أكبر منها بكثير.
    • على مر القرن العشرين ومنذ الستينيات كانت شركات الادوية تخترع ادوية نفسية جديدة كل الوقت. والادوية هي مركبات كيميائية تؤثر على عمل العقل والاعصاب. وبعد فترة من طرح دواء معين في الاسواق، كانت تطفوا ادلة تشير إلى مدى ضرر هذا الدواء بمن قاموا بتعاطيه. تعتذر شركة الأدوية وتعوّض المتضريين مادياً، ويكون حجم التعويضات أقل من 1% من الأرباح التي ححقتها الشركات من بيع الدواء !!
      وفورا تعلن نفس الشركة انها توصلت الى دواء جديد هو الحل الاخير والمضمون للاكتئاب والحزن والخوف.. ويقبل عليه الناس الذين شبعوا مسبقا بالاعلان عن اهمية الدواء وأن لديهم حالة مرضية تستوجي العلاج، يقبلون يشغف على شراء الدواء.. وبعد فترة تظهر مرة أخرى اضراره الفظيعة على من تعاطوه، فتعتذر الشركة وتعوض المتضريين، وهكذا. شركات الادواة متورطة بشدة في برامج أخرى ذات نتائج مدمرة على البشر، لكنها تدر أرباحا هائلة عليها. ولم ننس قضية انفلونزا الطيور خلال العقد الماضي وكيف روجت لها شركات الأدوية وأحدثت هستيريا ورعبا صحيّا في العالم، لكي يقبل الناس على أخذ التطعيمات والأدوية المضادة، التي هي أدوية انتجتها تلك الشركات، وتبين لاحقا أن كثيرا من الادوية التي صنعتها كبريات شركات الادوية العالمية، كانت غير مجربة أصلا ولم يتم التأكد انها لا تسبب اعراضا جانبية وأضرارا دائمة. بل إن بعض الادوية تبين أنها تسبب أضرارا فعلا، ولم تتم تجربتها أبدا قبل طرحها في الاسواق !

    أين دور الحكومة والمؤسسات الطيبة؟

    • المشكلة هي أن شخصيات حكومية رفيعة، وأعمدة ورؤساء كليات طبية مرموقة متورطون بالامر. تقوم شركة الادوية المصنعة للعقار بتحضير بحث يشيد بفائدة الدواء X في علاج الاكتئاب (Antidepressent). تعرض الشركة نتائج البحث على رئيس كلية الطب النفسي في جامعة Brown (وهو ما حصل فعلا)، ويقوم عميد الكلية (وهو بروفيسور معروف عالميا في المجال، يتم الأخذ بآرائه وأبحاثه) بالتوقيع على البحث على أنه هو من كتبه وهو من توصل لنتائجه. مقابل ماذا؟ مقابل عائدات مالية مجزية، تصل لمئات آلاف الدولارات سنويا.
      ينشر البحث في المجلات العلمية الشهيرة والأوسع انتشارا (وهي متورطة أيضا برشاوى مالية)، وتظهر اعلانات في التلفزيون، ويصبح الناس جاهزين. ينزل الدواء للأسواق وتحصد شركة الادوية أكثر من 6.000.000 دولار خلال 8 ساعات فقط.

    ألا يوجد جسم رقابي على ترخيص الأدوية؟

    • بلى، هناك منظمة حكومية أمريكية هي FDA وظيفتها اعطاء التراخيص للأدوية قبل طرحها في الاسواق. لكن وجد أن معظم أعضاء اللجنة مرتبطون بعلاقات اقتصادية وثيقة بشركات الادوية (رشاوى، بالعربي)، ويقررون منحها التراخيص اللازمة بناء على طلبها. وجد أيضا ان كثيرا من الابحاث التي تزعم ان تجربة الدواء على الناس (متطوعين) قبل طرحه في السوق هي ابحاث مفبركة ومزيفة بالكامل.
    • الخلاصةالطب النفسي بات صناعة تحتكرها شركات الادوية ومجموعة من الاخصائيين النفسيين المتواطئين معها، وقد تحولت الى بيزنس يدر مليارات الدولارات على جيوب اولئك، وكله على حساب الناس البسطاء بل وغير البسطاء لكن الذين يثقون بكل ما يقوله طبيبهم.. فعلينا الحذر والانتباه قبل الانزلاق بانفسنا ومجتمعاتنا الى هذا الواقع الكارثي.
    • كثير من التفاصيل الهامة الاخرى والادلة القاطعة تجدونها في الفلم يمكنكم مشاهدته أدناه.. واسعد بآرائكم

     

     

     



3 Comments اضافة لك

  1. أنيس أبازيد كتب:

    السلام عليكم , أتمنى منكم أو أي أحد ضليع باللغة الإنجليزية بأن يقوم بترجمة هذا الفيديو القيم . أطيب الأمنيات .

  2. علاج الادمان .. من المخدرات ( علاج الادمان
    استاذ فراس الوزيرى رئيس مجلس إدارة مؤسسة السكينة لعلاج الادمان يشرح بإيجاز كيف يكون علاج الادمان من المخدرات وما يتطلب من خبرات وتخصصات
    للفريق المعالج ومراحل علاج الادمان بأنواعها.

    ويتحدث عن حقائق مرض الادمان، وكيف يبدأ الادمان عند
    الفرد سواء كانت حالات وراثية أو عادات
    خاطئة فى التربية، والمبدأ الاساسى هو أن
    المدمن هو شخصية عندها استعداد للادمان بانواعه.

    مستشفيات علاج الادمان من المخدرات
    كيفية علاج الادمان من المخدرات داخل المستشفيات و اماكن علاج الادمان تعامل
    كل حالة علي حسب تأثيرات المخدر ونوعة ومدي تمكنة من
    المصاب بمرض ادمان المخدرات
    مراكز و مستشفيات علاج الادمان من المخدرات
    يمر مدمن المخدرات بمرحلتين اساسيتين من مراحل علاج الادمان
    المرحلة الاولي لعلاج الادمان
    تتم داخل مستشفيات تابعة لوزارة الصحة للأشراف الطبي الكامل وهذة المرحلة تستغرق اسبوع تقريبا
    المرحلة الثانية من مراحل علاج الادمان بعد خروجة
    من المستشفيات
    وهي اعادة التأهيل ولها برامج عديدة منها العلاج النفسي والعلاج البدني وتقويم السلوك لعدم العودة الي الادمان
    مرة ثانية

    تراعي اماكن ومراكز علاج الادمان من المخدرات حالات الادمان بداية من الاكل المناسب لأكتساب
    الجسم انواع الفيتامينات الناقصة
    من جسم مدمن المخدرات كي يعيد المدمن اتزانة الجسماني مرة اخري
    دار السكينة لعلاج ادمان المخدرات
    في دار السكينة لعلاج ادمان المخدرات لا
    ندع المدمن الا وهو متعافي تماما عقليا وجسديا

  3. إن الرغبة الملحة للعودة للمخدر هي مشكلة الإدمان الأولي ولذلك يجب توضيح طرق مواجهة هذه المشكلة وتدريب العاملين في مجال علاج الادمان وكذلك تدريب المتعافين.

أضف تعليق